teelen1

 ملخص البحث في:

التعددية اللغوية في غينيا

                                                         مقدمه / إسحاق صديق كمارا   عضو هيئة تدريس"أنكو"

 

 I    التعددية اللغوية   I مقدمة التعددية اللغوية    I   كتابة أنكو   I  نبذة تاريخية  I الإفتتاحية I

بسم الله الرحمن الرحيم

          الحمد لله الذي خلق الانسان في احسن الصورة ,  و جعل الناس شعوبا وقبائل  مختلفين في اللغات والالوان والتقاليد, فتلك سنة الله في الخلق فتبارك الله احسن الخالقين.

       وأصلي وأسلم على أشرف خلق الله أجمعين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين, أرسله ربه بلسان قومه ليبين لهم ما نزل إليهم ليعقلوه ويتدبروه, صلاة وسلاما عليك ياسيدي وعلى آلك وأصحابك الكرام البررة الطاهرين ومن اقتدى بسنتهم الى يوم الدين.

وبعد/...

       فإن من دواعي سروري أن أحدثكم اليوم من خلال ملخص بحثنا عن التعددية اللغوية في بلدنا العزيز جمهورية غينيا, بغية تسليط الضوء وكشف الغطاء عن حقيقة هذه التعددية اللغوية التي تبدو خافية على كثير من الباحثين الغربيين والمتغربين الذين يذهبون إلى تهويل هذا الأمر و تفخيمه, إما عمدا أو جهلا منهم بحقيقة التعددية اللغوية في غينيا, حيث يدعي هؤلاء بأن اللغات المتداولة في جمهورية غينيا تفوق ست عشرة لغة ,معتبرين فروع لغة واحدة لغات مختلفة كل واحدة منها مستقلة بذاتها, كأنه لا توجد أدنى علاقة بين بعضها البعض , ولا يمكن تصور وجود التفاهم بين ناطقي هذه اللهجات , مع أن الواقع ينكر ذلك ويخالفه تماما, حيث توجد هناك صلة قوية وعلاقة متينة بين فروع اللغة الواحدة, ونرى كل واحد من الناطقين بهذه الفروع يتحدث إلى الآخر بلهجته ويفهمها من غير حاجة إلى المترجم, أليس هذا دليلا على اعتبار هذه الفروع منتمية جميعها إلى الأصل الواحد رغم وجود اختلاف بسيط في الثانويات نتيجة تباعد جغرافي بين ناطقيها وهذه سنة الله في الكون " ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا"       سورة فاطر الآية 43

هذا.. ويرى المتخصصون في هذا الميدان , العارفون بحقيقة هذا الموضوع أن اللغات المتداولة قي جمهورية غينيا لا تتعدى – حسب مجموعة القبائل اللغوية فيها – ست لغات وهي نسبة قليلة بالمقارنة بالدول الأخرى, وتتمثل هذه اللغات  حسب كثرة ناطقيها  وانتشارها فيما يلي :

1-                "انكو" وهي لغة المجموعة الإثنية ( ماندينكا) التي تمثل العمود الفقري لسكان جمهورية غينيا, هذا بالإضافة إلى وجود العديد من الناطقين بها وليسوا من أصل "ماندينكا" .

2-                الفولانية: وهي لغة ثاني أكبر المجموعة الإثنية في غينيا .

3-                لغة سوسو : وهي التي تحتل المرتبة الثالثة.

4-                لغة توما   Tooma kan

5-                - لغة كيسي Kissi kan 

6 -  لغة جيريسي Gberese kan

      و نجد كل هذه اللغات الثلاثة متداولة بين المجموعات الإثنية تتواجد كلها في منطقة غينيا الغابية .

      هذا ومن الجدير بالتوضيح أن بعض هذه اللغات تتمتع بنفوذ كبير في طول البلاد وعرضها , ولها تأثير ملحوظ أكثر من غيرها , على سبيل المثال لغة "انكو" حيث تسيطر تماما على جميع أرجاء منطقة غينيا العليا , وهو مما لا يختلف فيه اثنان!

      وكذلك الحال على صعيد منطقة غينيا الغابية وإن لم تكن مسيطرة فيها تماما وذلك لوجود المجموعات اللغوية الأخرى التي أشرنا إليها آنفا – إلا أنها " أي انكو" تعتبر اللغة السائدة في كل المدن الكبرى الواقعة فيها , هذا بالإضافة إلى توغلها في باقي مناطق البلاد بشكل لا يستهان به .

       ومن الأهمية بمكان أن أشير إلى أن حكومة غينيا قد حاولت منذ استقلال البلاد ادراج لغاتها المحلية في مناهج التعليم , وكانت تهدف من وراء ذلك تمهيد الطريق للوصول إلى التحرر من التبعية اللغوية – التي تجلب علينا كل مصائب ومآسي الفكرية , وتغزونا بأفكار وثقافات هدامة ! -  وكذلك للقضاء على الأمية التي تستقطب شريحة كبيرة من سكان البلاد الذين لم يلتحقوا بالمدارس الحكومية نظرا لاعتبار الفرنسية لغة التربية والتعليم فيها , وهي بالنسبة إليهم لغة الغزاة المعتدين على بلادهم , الذين سفكوا دماء أجدادهم الكرام, وسرقوا خيرات أرضهم , وعاثوا في وطنهم فسادا , وبناء على هذه الإعتبارات امتنع الآباء عن إلحاق أبناءهم بهذه المدارس المشؤومة -  من وجهة نظرهم – حتى اعتبر بعضهم التعليم فيها كفرا !!

       هذا.. ومما يؤسف له أن حكومة غينيا قد استعانت في سبيل كتابة لغاتها المحلية بالحروف اللاتينية التي أثبتت عجزها الفاضح عن استيعاب خصائص لغاتنا الأفريقية خاصة من الناحية الصوتية التي لا يمكن تصورها من خلال أبجدية اللغة الأخرى الغريبة والدخيلة على لغاتنا الأصيلة.

       وكان حري بحكومة غينيا – كما لو كانت تريد فعلا التخلص من أسوأ المخلفات الإستعمارية – أن تعكف على دراسة لغاتها الوطنية بعيدا عن عنوان الغير- اللغة الأجنبية – أسوة بغيرها من الدول التي خاضت مثل هذه التجربة ؛ فحققت نجاحا كبيرا , وتفوقت في كثير من المجالات العلمية الحديثة والمتطورة , وذلك بفضل اللغة الوطنية ليس إلا .

 

ظاهرة التعددية اللغوية:

مما يثير انتبائي ويسترعاه كثيرا حيال هذا الموضوع هو هل التعددية اللغوية حالة خاصة بإفريقيا فقط ؟ وهل تعتبر ثمة مشكلة عويصة وحجر عثرة أمام  تقدم بلدان إفريقيا بما فيها غينيا ؟

    ردا على هذين التساؤلين أقول كلا وألف كلا , إن التعددية اللغوية تعتبر ظاهرة عالمية  وليست حالة خاصة بإفريقيا فحسب , لأنه قلما توجد دولة على خريطة العالم تخلو من هذه الظاهرة , إلا أن غالبية دول العالم قد استطاعت القضاء عليها بطريقة ما , وذلك من خلال العكوف على دراسة لغة وطنية معينة وتهذيبها وتطويرها حتى أصبحت لغة الدولة للتربية والتعليم والثقافة والتكنولوجية , وهذا ما شهدناه في بلدان كثيرة  مثل الهند وإتحاد السوفييت  سابقا والباكستان و حتى فرنسا .

      كذلك لا تعتبر التعددية اللغوية مشكلة صعبة العلاج  ولا حجر عثرة أمام تقدم بلداننا الأفريقية لأنها ليست وحدها التي تموج فيها هذه الظاهرة , فلو نظرنا إلى الهند مثلا لوجدنا سكانها يتكلمون بأكثر من ثلاثمائة لغة مختلفة , ولكن مع هذا الكم الهائل من اللغات المحلية استطاع الشعب الهندي التخلص من اللغة الإنجليزية  ورماها في مزبلة التاريخ , وتوجه إلى دراسة لغاته الوطنية بالعزم و الحزم الأكيدين  حتى حقق هذا الشعب الباسل انجازات تاريخية رائعة وذلك من خلال لغته الهندية .

      إذن فما المشكلة بالنسبة لإفريقيا ؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن نبحث عن إجابته , وهي – من وجهة نظري- تكمن أساسا في غياب المشروع القومي الهادف إلى ا لاعتناء باللغات المحلية ودراستها بكل جدية واهتمام، تمهيدا لإحلالها محل اللغة الإحتلالية السامة, ومما لا شك فيه أنه بدون مثل هذا المشروع القومي وأن يكون على المستوى الرسمي بمعنى أن تتبنى الحكومات الإفريقية هذه الفكرة وتأخذ زمام المبادرة بعزم وحزم وإرادة قوية وصادقة , وإلا لو ترك الأمر على هذا الحال فإن الدول الإفريقية بما فيها غينيا ستظل ترزح تحت نير التبعية اللغوية , ولن تستطيع فك رقبتها من هذه التبعية اللعينة كما فعلت غيرها من الدول المستعمرة .

         ومما يدعو إلى الرثاء على هذه الدول أنها حتى الآن رغم ادعاءها الاستقلال , مازالت نائمة تحت سقف الفرنكفونية والانجليزفونية واللوزيفونية والأنجلوأمريكية , إن هي إلا أسماء وتقسيمات ما نزل  الله بها من سلطان ! وإن هي إلا تكريس للإستعمار القديم بوجه جديد.

         ومما تتفجر منه قلوب المخلصين لإفريقيا من خيرة أبناءها أن يروا أغلب مثقفي القارة غير المبالين ولا المكترثين, ولا يولون أي اهتمام بمثل هذه القضايا الهامة , ولايفكرون بأم رأسهم كيف تتحرر إفريقيا من التبعية اللغوية القاتلة لثقافتها والقاضية على شخصيتها والطامسة لهويتها !!

     والأدهى من ذلك أن هؤلاء المثقفين بالثقافة الغربية يعتزون باللغة الاحتلالية ويفتخرون بها علنا  بل ويستميتون في سبيل الدفاع عنها معارضين كل فكرة تدعو إلى الاهتمام باللغات المحلية ومشككين في قدرة هذه اللغات الإفريقية على النهوض بالعلوم الحديثة ,علما بأن قدرة اللغة على تحقيق انجازات كبيرة تتوقف على قدرة أصحابها , وإرتفاع اللغة متوقف على إرتفاع أصحابها كذ لك إنحطا طها, إذا فلاعيب فى لغاتنا وإنما العيب فى هؤلاء المثقفين, لأنه لئن كانت اللغة قادرة على تحقيق الإنجازات بنفسها, فلماذا لم نرى شيئ من الإنجازات العلمية فى القارة الإفريقية مثلما حد ثت فى أوربا, مع أن اللغة الفرنسية أو الإنجليزية أوالأسبانية الموجودة فى الغرب هى الموجودة  بعينها فى أفريقيا.

       هذا ان دل على شيىء فإنما يدل على ضرورة العودة إلىالأصل, وماأدراك ما الأصل؟ هو اللغة الوطنية النابعة من بيئتنا الإفرقية التى باستخدامها اليوم تحافظ على ثقافتنا وتحمى شخصيتنا وهو يتنا من الذوبان والتفسخ.

     علينا أيها الإخوة الأفا رقة فى كل ربوع إفريقيا العودة إلى الإهتمام بلغا تنا المحلية ودراستها دراسة جيدة واضعين نصب أعيننا أننا لا ولن نتقدم بدونها, فإن الأمة لا تتقدم بعنوان غيرها –أي اللغة الأجنبية-  فالأمة التى تستعين بعنوان غيرها تظل تعيش فى ذل التبعية وفى هامش الحياة.

     فلاتعيروا - أيها الإخوة الإفارقة-  أذانكم لمن ينادونكم بالتخلى عن لغاتكم الوطنية ووضعها فى المتاحف, بدعوى أن لغاتكم ميتة وغيرصالحة للدراسة, فإنهم بهذا يقترحون عليكم القضاء والتفسخ, لأن اللغة الميتة لا تكون إلا للشعب الميت..  وهل أنكم ميتون؟.

      و في الختام أرجو الله تعالى أن تكون هذه الرسالة واضحة و مفهومة و وافية بالغرض المنشود منها، و أن تكون بداية لإبراز الحقائق المستترة عن الكثير من الباحثين في التعددية اللغوية في إفريقيا عامة و في غينيا بصفة خاصة.

      و أتضرع إلى الله تعالى أن يجعل هذا العمل زيادة في حسناتي و تكفيرا لسيئاتي و نورا يسعى بين يدي  و بأيماني يوم يقوم الحساب.

و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

 

 (1)-  كتاب لغة ماننكا: نقرأ  و نكتب  COMMISSION NATIONALE D’ALPHABETISATION ET D’EDICATION DES ADULTES DE LA REPUBLIQUE DE GUINEE,     من طبع 1968 في مطبعة   PATRICE LUMUMBA  الحكومي

(1) – أنظر  كتاب "نحن في افريقيا" الهجرة اللبنانية السورية الى افريقيا الغربية  ص37-40

( 1 )  - إفريقيا في مسيرة النهضة ص 233 لسيد / أحمد سيكوتوري رئيس جمهورية غينيا الراحل"رحمه الله و أرضاه"، ترجمة الأستاذ الدكتور/ محمد البخاري الهيئة العامة للكتاب - الطبعة الأولى سنة 1979 - 1980م .

 

   ---------------------------------------------------------

   الملخص                     البحث   

--------------------------------------------------------------------

E-mail: nko@kanjamadi.com  Tel : ( +2) 0123349264

ߛߓߍ ߗߋ߫ ߊ߲ ߡߊ߬ ߛߊ߲߬ߓߊ߬ߕߐ߮ ߣߌ߲߬ ߠߊ߫ ߞߵߌ ߕߊ߫ ߦߋߕߊ ߝߐ߫: